السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلة من المشكلات ومصيبة من مصائب -يا أحبابي الكرام-
مشكلة من المشكلات ومصيبة من مصائب -يا أحبابي الكرام- أنَّنا أصبحنا نستهين بالكلمات التي نلقيها؛ فمثلاً نستهين بالغيبة مع أن الغيبة من كبائر الذنوب -كما هو قول الجمهور والله تعالى أعلم-، فأصبح بعضنا يتساهل في الكلمات: فلان ثقيل الدم، فلان جبان، فلان بخيل، فلان كذا.. لا يهتمّ وإذا قلت.. قال لك: لا؛ هذا ليس..، ما عندنا ورع، ما عندنا عفَّة في ألسنتنا، بل إنَّ من المصائب كذلك والمشكلات التي يقع فيها كثير من الناس -ونحن منهم نسأل الله أن يعفو عنا ويغفر لنا- هو الضعف والعجز والخور في عدم إنكار الغيبة، كم نسمع من الغيبة في مجالسنا ولكن تجد أحدنا -لا نقول يأخذه الحياء؛ لأنَّ هذا ليس من الحياء، هذا من الضعف والخور- لا يُنكر الغيبة، يسكت مجاملة لجلسائه ولأصحابه، نقول: لا، لا بدَّ أن تُنكر الغيبة، لكن إنكار الغيبة يأتي بطرق جميلة، هناك طرق، أسلوب لطيف جميل رقيق تستطيع تنكر الغيبة وتُرِيَ الله من نفسك: يا ربّ أنا لست راضٍ عن هذا الكلام، على سبيل المثال تقول: يا جماعة جزاكم الله خير لا نريد أحد أن يأخذ من حسناتنا، هذا نوع من أنواع [إنكار] الغيبة، خلاص الناس عرفوا الجلساء وصاحب الغيبة الذي يغتاب يعرف أنَّك أنكرت عليه، "يا جماعة غيِّروا السالفة جزاكم الله خير، غيِّروا الموضوع" هذا نوع من أنواع إنكار الغيبة.
أقول -أحبابي الكرام-: من المشكلات أنَّ المعصية -وهذه ذكرها ابن القيم رحمه الله- أنَّ الإنسان يتعوَّد على المعصية يومًا بعد يوم بعدين تُصبح هذه المعصية جزء من حياته، لا يستطيع أن يفارقها؛ مثل الذي يزني، يزني أول مرَّة ثاني مرَّة ثالث مرَّة، بعدين خلاص يتعوَّد على الزنى حتى لو تزوَّج يزني، الذي يشرب الخمر أوَّل مرَّة يشرب كأس وثاني مرَّة وثالث، بعدين خلاص يُصبح الكأس يُصبح الخمر جزء من حياته، كذلك التدخين، كذلك المخدرات، كذلك السبّ والشتم، كذلك الغيبة، والله يا إخوة إنِّي أعرف شخص من الصالحين -تصوَّروا يا إخوة- يصوم الاثنين والخميس لا يترك ما أذكر أن.. ما يترك صيام الاثنين والخميس وثلاث الأيام البيض ما يتركها، لكن –سبحان الله- مبتلي؛ لسانه ابتُلي بماذا؟ بالغيبة، ما أن يجلس مجلس وتجده لا بدَّ أن يذكر أحد الناس بسوء، خلاص أصبحت الغيبة جزء من حياته، جزء من شخصيته، هذه مشكلة من المشكلات.
إذن هذا علامة من علامات نقص الإيمان، هذا الميزان نأخذه أنَّ الإنسان إذا رأى نفسه أنَّه يقع في الذنوب، ولا يُبالي، ولا يرتدع، ولا يخاف، ولا يخشى من الله سبحانه وتعالى، ويبدأ يتساهل في الصغائر يقول لك: هذه صغيرة، فتجده ينظر إلى النساء، تجده -والعياذ بالله- يقع في محرَّمات وذنوب كثيرة، فيستدرج به الشيطان، والله سبحان وتعالى قال: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) فمرَّة بعد مرَّة بعد مرَّة، مثل بعض الناس الآن أصبح عنده إدمان في النظر إلى النساء، إلى الأفلام الإباحيَّة، خلاص أصبح ما يستطيع يقول: كيف تمرّ عندي امرأة ما أراها، لا بدّ أن أراها، خلاص أصبحت جزء من حياته، النظر جزء من حياته –هذه المعصية-، فاعلم -يا عبد الله- أنَّك إذا رأيت من نفسك -هذا ميزان وعلامة من علامات نقص الإيمان في قلب العبد- أنَّك تقع في المحرَّمات والذنوب؛ سواء كانت ذنوب قلبية أو ذنوب تتعلَّق بالجوارح كاللسان أو السمع أو البصر أو الفرج أو غير ذلك، ولا تبالي ولا تهتمّ ولا تحزن ولا تتوب إلى الله فاعلم أنَّ ذلك دليل على نقصٍ في إيمانك، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.
ولهذا ينبغي على العبد أن يدعو الله سبحانه وتعالى دائمًا، وأن يبتهل إلى الله، وأن ينكسر بين يدي الله سبحانه وتعالى، فيقول: اللهم إنِّي أعوذ بك من شرّ سمعي وشرّ بصري وشرّ لساني وشرّ قلبي وشرّ منيّي، أن يدعو الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء: اللهم إنِّي أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
هذا باختصار شديد عن علامات نقص الإيمان في قلب العبد.
أسأل الله العظيم ربّ العرش الكريم أن يُوفِّقني وإيَّاكم لما يُحبُّ ويرضى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.